الأبواب

الألوان تعاتب شهداً


الألوان تعاتب شهداً

وضعت على طاولتي دفتر رسم، وعلبة تلوين زاهية الألوان، وقصصاً جميلة استعداداً لممارسة هواياتي.
لكني لم أقترب من طاولتي أبداً لأن الأرجوحة التي تدلت على أغصان شجرة كبيرة في حديقة منزلنا شدتني إليه، وأبعدتني عن قصصي وأقلامي الملونة.
أخرج إلى الحديقة، أركض إلى الأرجوحة، أقفز مثل أرنب، وأتأرجح، أعلو وأهبط حتى يخيل إلي أنني أطير مثل فراشة ... وهكذا يومياً.
عصر أحد الأيام شعرت بقليل من التعب، فعدت إلى غرفتي، وجلستُ ورَاء طاولتي. نظرت إلى الألوان والقصص بخجل فقد أهملتها أياماً عديدة لذا احتضنت قصة بغلاف جميل شدني عنوانها 'مغامرات علبة تلوين' أعلبة تلوين ولها مغامرات؟! عجباً.
في غرفة زهريّة اللون، اصطفت الألوان... أحمر... أزرق.. ‎بنفسجي...أخضر... أصفر كل واحد يهمس في أذني: ' أنا حزين يا شهد.... أنا حزين " قال الأحمر: نعم لولاك ماكنت حزيناً صَرخ الأزرق: " أنت لا تبالين بأوجاعنا " وأنت وأنت.... آه ما هذه الأصوات؟ وضعت يدي على أذني... أرجوكُم... اسكتوا ما علاقتي أنا بأحزانكم وأوجاعكم؟ رد البنفسجي: منذ أكثر من شهر حملتنا إلى بيتك، ووضعتنا على طاولة أنيقة.
أحببناك يا شهد وفرحنا لأننا سنلعب معك لعبة اللوحات الجميلة لكنك ما أدركت كم كنا بحاجة لأصابعك تعيد لنا الحياة فنبدع معك لوحات رائعة. أهملتنا ولم تهتمي إلا بالأرجوحة والقفز في الحديقة.
قلتُ: وأنا أشعر بالأسف الشديد: لا تحزنوا يا أصدقائي أعدكم أن ألعب معكم لكن ساعدوني فأنا لا أجيد الرسم كثيراً.
ردت الألوان مجتمعة: سنساعدك فإذا لامسنا بياض الورق نبضت اللوحة بالحياة وشعت الألوان مثل شمس تعانق زرقة البحر.
كانت الشمس تقارب المغيب عندما رفعت رأسي عن الطاولة فقد استغرقت في النوم. نظرت إلى القصة أمامي.. كانت ما تزال مفتوحة على الصفحة الأولى. أما علبة الألوان فقد راحت ترمقني بتساؤل ضحكتُ واحتضنتها بحنان! بدأتُ بلوحتي الأولى التي سأسميها: " شمس تعانق بحراً " وعلى الصفحة الأولى من دفتر الرسم كنت أبدأ بلوحتي الأولى التي سأسميها: شمسٌ تعانق بحراً.

 بقلم: أميمة إبراهيم إبراهيم.

51
(متوسط التقييم بناءً على 0 تقييم)
اترك تعليقاً: